Romaian Cultural Society News
Related Articles
في رحلتها الثانية لسنة 2019، توجّهت اللجنةُ الإجتماعية برفقة حوالي خمسين شخصاً الى شمال لبنان، وبالتحديد الى مدينة المينا في طرابلس والى قرية بدر حسون البيئية في أطراف الكورة. بدأت الرحلة، كالعادة، في الأشرفية (بيروت) بالقرب من مدرسة زهرة الإحسان صباح يوم السبت 22 حزيران، وتوقَّفت لحوالي الساعة عند أفران البيطار، عند ساحل قرنة الروم، لتناولِ الإفطار.
كان الهدفَ الأول والرئيسيَّ للرحلة هو إستكشافُ مدينة الميناء في طرابلس، المسماة قديماً إسكله طرابلس. بدأت الزيارةُ بجولةٍ في شوارع وأزقة المدينة القديمة التي تعود للعصر الفينيقي، والتي توالت عليها دولٌ وشعوبٌ كثيرة الى أن تهدَّمت عندما إحتلَّها المسلمون وطردوا منها الصليبيين ونقلوا مدينة طرابلس الى موقعِها الحالي في منطقةٍ داخليةٍ بعيدةٍ عن الشاطئ. توقَّفَ الوفدُ الزائرُ مطوّلاً في كاتدرائية القديس جاورجيوس حيث إستقبلَهم كاهنُ الكنيسة قدس الأب باسيليوس (الدبس) وشرح لهم تاريخَ الكاترائية وأقسامَها وأبرزَ محتوياتها. تقعُ هذه الكنيسة في منطقة التُرُب، بالقرب من الحي المسيحي. بُنيت الكنيسة الحالية في سنة 1732 وبدأت الخدمة فيها في سنة 1735 في عهد المثلث الرحمات المتروبوليت مكاريوس، وهي مكونّة من ثلاثة أروقة وتحوي ثلاث موائد وفيها أيقونات قديمة متعددة. المائدة الرئيسية الوسطى هي للقديس جاورجيوس، والمائدة الجنوبية للسيدة العذراء والمائدة الشمالية للقديس ديمتريوس. أما الأيقونات فتعودُ في معظمِها الى الربع الأول من القرن التاسع عشر، وفيها تأثيراتٌ أوروبية وحلبية، وقسمٌ كبيرٌ منها كتبَه ميخائيل بوليخرونيس المعروف بميخائيل الكريتي. ويلاحظ بأنَّ هذه الكنيسة ذات النمط البازيليكي الحديث (الرومانسي الغوطي) تتميّز بإيقونسطاس رخامي يجمعُ الفنَّ الروميّ التقليدي الى الفن الشرقي الإسلامي الذي سادَ في القرون الثلاثة الأخيرة. وتحت الكاترائية، مغارةٌ قديمة تحوَّلت الى مزارٍ شهير يقصده المؤمنون للتبرك.
وبعد كاتدرائية القديس جاورجيوس، تجوَّل الوفدُ زائراً مختلف كنائس المينا، وهي كنيسة مار فرنسيس للاتين التي يشرفُ عليها دير الرهبان الفرنسيسكان، وبجانبها مدرسةُ الأراضي المقدسة (ترّا سانتا) اللاتينية التي أعيدَ فتحُها في سنة 1924، وكنيسة مار مارون للموارنة وكنيسة سيدة البشارة للروم الكاثوليك، وكنيسة مار إلياس الأرثوذكسية الشهيرة بمدرستِها التي خرّجت العديد من شبان المينا وطرابلس المدينة. وزار الوفدُ أيضاً مركز العزم الثقافي – بيت الفن الذي تأسَّس في سنة 2011 وأنشئ في بناءٍ صليبيّ يعودُ الى القرن الثاني عشر. جرى ترميمُ هذا البناء في القرن الثامن عشر وإستعملَ كمستشفىً من قبلِ بعثةٍ بروتستانتية أميركية. أقفلَ المستشفى في منتصف القرن العشرين وبقيَت مغلقاً حتى سنة 1990 حين بدأ إستعمالُه كمركزٍ فنيّ. يضمُّ بيتُ الفن حالياً معرضاً ومسرحاً وقاعة أعمالٍ يدوية حيث تتمُّ صناعة الصابون والسيراميك والقشّ والشمع.
وفي نهاية زيارة المينا، عرَّج الوفدُ على برج السباع أو برج برسباي، وهو أحد أبراج الساحل الفينيقي التي بناها المماليك في القرن الخامس عشر كنقطةِ مراقبةٍ عسكريةٍ بحرية. وما زال برجُ السباع في حالةٍ هندسية متماسكة، تسمحُ بزيارة داخله الذي هو بمثابة قاعة كبيرة تغطيها العقود الحجرية. وللبرج طابقٌ علويّ كان في السابق مسجداً أما اليوم فهو يستعملُ كمكانٍ تقامُ فيه مناسباتٌ عامة تراثية. وفي المرحلة الثانية من الرحلة، توجّه الوفدُ الى الكورة، قاصداً قرية بدر حسون البيئية التي أقامتها هذه المؤسسة الصناعية التقليدية منتقلةً من خان الصابون في طرابلس الى ضهر العين عند مدخل الكورة من جهة طرابلس. يصنعُ هذا المجمع الصناعي الذي بدأ تشييدُه في سنة 2012 الصابونَ الفاخرَ والعطور والكريمات ويصدّرها الى خارج لبنان. شرحَ مؤسسُ القرية بدر حسون ومعاونوه للوفد تاريخَ مصنع بدر حسون وميزات إنتاجاته البيئية وكيفية صناعة الصابون. ينتمي بدر حسون لعائلةٍ عريقةٍ في صناعة الصابون منذ سنة 1480، ويديرُ هذه المؤسسة مع أولاده وأقربائه. تضمُّ القرية بناءً ذا طرازٍ تراثيّ ومصنعاً للصابون والعطور والمراهم ومتحفاً للصابون ومطعماً ومختبراً للأبحاث والتجارب. بنهاية الزيارة، أقبل العديدُ من المشاركين في الرحلة الى التزودِ من منتوجات القرية.
وقرابة الساعة الثالثة بعد الظهر، أنهى الوفدُ زيارتَه لقرية بدر حسون، وإنتقل في البولمان الحديث والمكيّف الى منطقة زغرتا، قاصداً مطعم رشعين على نهر قاديشا. يتميّزُ هذا المطعمُ بموقعِه الرائع على ضفة النهر الزاخم في شهر حزيران بسبب ذوبان الثلوج، وبمائدته الغنية المتعددة الأطباق. أمضى الوفدُ ثلاث ساعاتٍ في هذا المطعم الشهير، ثمَّ أقفلَ عائداً الى بيروت ليبلغَها في حوالي الساعة الثامنة مساء، بعد إن إمتنعَ عن زيارة دير سيدة النورية، كما كان مقرّراً في البرنامج، بسبب الإرهاق وكثافة الجولة في طرابلس المينا.