نظَّمت اللجنة الإجتماعية في الجمعية الثقافية الروميّة، برئاسة السيد نقولا مقبل، في 29 نيسان 2017، رحلةً ثقافية وترفيهية الى منطقة البقاع الأوسط ومنطقة راشيا، ضمّت بلدة عنجر الأثرية وبلدة عيتا الفخار ومدينة راشيا الوادي. شارك في الرحلة ما يقارب الخمسين شخصاً من أعضاء الجمعية وأصدقائهم، إلتقوا صباحاً في الأشرفية (بيروت) وإستقلوا حافلة بولمان حديثة ومكيفة، وإنطلقوا منها بإتجاه شتورة والبقاع ليتوقفوا في مطعم شمسين البقاعي لتناول الفطور، ثمّ يتابعوا الرحلة الى بلدة عنجر الأثرية القريبة من الحدود اللبنانية السورية. زار الوفدُ أولاً موقع عنجر الأثري الذي هو في الحقيقة مدينة صغيرة قديمة تُدعى باليونانية Chalkis أعاد الأمويون ترميمَها بعد إحتلال العرب للبقاع الذي كان يدعى مرج الروم. مخطّط المدينة يشير الى النمط الروماني الذي كان مكوّناً من شارعَين يلتقيان بشكل صليب. زار الوفدُ شوارعَ المدينة وأحياءَها وآثارَها ومن ضمنها القصر الأموي الكبير الذي كان مقرَّ الحاكم والقصر الصغير الذي يحتفظ بقناطره وأعمدته وزخرفتِه الغنية المستوحاة من الطبيعة والرسوم البشرية والحيوانية. دامت زيارة هذا الموقع حوالي الساعة والنصف، إنتقل بعدها الوفد الى بلدة عيتا الفخار العريقة التي تسكنها أكثريةٌ رومية والتي تقعُ في وادٍ يعلوه جبلٌ يرتفعُ عليه دير القديس جاورجيوس.
إستقبلَ الوفدَ الزائر رئيسُ بلدية عيتا الفخار السيد ميشال الغريب الذي شرحَ للزائرين تاريخَ البلدة وموقعها الجغرافي وذكرَ أسماء الشخصيات التاريخية التي تحدَّرت من عيتا الفخار ونوَّه بالجاليات الإغترابية الكبرى التي إنتقلت الى أميركا. وغاب عن الحضور كاهنُ كنيسة القديس أندراوس قدس الإكسرخوس متري الحصان الذي كان خارج البلدة. وكانت زيارةُ كنيسة القديس أندراوس في وسط البلدة فرصةً لرئيس الجمعية البروفسور نجيب جهشان ليشرح للوفد هندسةَ الكنيسة الرومية وتقاليدَها في تزيين داخلِها.
وكانت زيارة مدينة راشيا الوادي المرحلة الثالثة من هذه الرحلة. تعتبرُ راشيا أهمَّ مدينةٍ في منطقة البقاع الشرقي على أطراف وادي التيم. وكانت من أبرز تجمعات الروم في تلك المنطقة حتى سنة 1860 وتأسيس دولة لبنان الكبير. لكنَّ الظروفَ المحلية الضاغطةَ والحروبَ الأهليةَ والتمييز الطائفي دفعَت بأكثرية الروم للهجرة منها، فتوزعوا في كلِّ لبنان وإنتقلوا خاصة الى المدن الكبرى القريبة من الساحل. وأصبحت الآن أكثرية السكان الباقين في المدينة من الطائفة الدرزية.
توجَّه الوفد في مطلع زيارته لراشيا الى كاتدرائية القديس نيقولاوس (فراشيا هي مركز أسقفية ضُمَّت في الوقت الحاضر الى مطرانية صور وصيدا)، وهي من أجمل الكنائس وأفخمِها في المنطقة. إستقبلَه قدس الأب يواكيم أبو كسم كاهن الرعية، وإستضافَه في صالون الكنيسة. ثمَّ إنتقل الوفدُ الى قلعة راشيا المعروفة بإسم قلعة الإستقلال لأنها إستقبلت في سنة 1943 رجال الدولة اللبنانية الذين طالبوا بإستقلال لبنان فحُجزت حريتهم في تلك القلعة الى أن نال لبنان الإستقلال في 22 تشرين الثاني. وتضمُّ القلعة متحفاً صغيراً يروي قصة تلك الأيام التاريخية.
وزار الوفدُ أخيراً وسطَ مدينة راشيا وتجوَّل أفرادُه في السوق القديم وعرّجوا على كنائسة التاريخية، وبالأخص كنيسة السيدة التى تعودُ الى العصر الرومي القديم والقرون الوسطى، والتي تقعُ في مستوىً ينخفضُ عن مستوى السوق الحالي. وتمكن بعضُ الزوار من شراء بعض المنتوجات المحلية من الخضار والفواكه والمخللات.
وتناول المشاركون في الرحلة طعام غداءٍ فاخرٍ في مطعم الليالي الذي يقع في مشارف مدينة راشيا، وأمضوا حوالي الساعتَين في هذا الموقع الطبيعي الرائع، وتبادلوا الأحاديث حول الأماكن التراثية والدينية والتاريخية التي زاروها. وإنتهت الرحلة بزيارة كروم كفريّا حيث تذوّق المشاركون النبيذ الفاخر المصنوع من العنب في هذا المكان وتسوَّق البعض منهم من منتوجات كفريا. تميَّزت رحلة نيسان 2017 بزيارة منطقة البقاع وراشيا التي تفترشها الحقول الخضراء والزهور في فصل الربيع وبإستكشاف أماكن تاريخية شهيرة تعتبر من أبرز المواقع السياحية اللبنانية. وكانت فرصةً للتعرف على بلداتٍ لعبَت أدواراً مميزةً في التراث الروميّ الأنطاكي. وكالعادة، جمعت الرحلة الإفادة الثقافية والدينية الى الترفيه الراقي في أسواق راشيا ومطاعمِها.